الوصف
يسعى المؤلّف في هذا الكتاب إلى برهنة أنّ هناك في الإسلام ما هيّأ لميلاد الرأسماليّة ومهّد لظهورها، ورغم إقراره بظهور عناصر رأسماليّة عريقة في القدم، فقد اعتبر أنّ “الديناميّة الاقتصاديّة” التي انطلقت في بدايات الإسلام هي أوّل من أدمج تلك العناصر وحوّلها إلى “رابطة شكّلت الرأسماليّة”، فانصبّ جهده في هذا الكتاب على جمع تفاصيل كيفيّة ظهور الرأسماليّة في الإسلام المبكّر ووصولها إلى أوروبّا.
لقد سعى إلى تشكيل قراءة تحاول تجاوز السائد من النظريّات في الفكر الغربي ولاسيّما الرؤية الماركسيّة الماديّة التاريخيّة أو رؤية ما كس فيبر التي تعتبر الرأسماليّة وليدة المسيحيّة البروتستانتيّة، فأوغل في التاريخ إلى مرحلة أقدم ليقيم الدّليل على ما قدّمه الإسلام المبكّر من تشريعات وما أقامه من ممارسات كان لها عميق الأثر في تطوير التجارة وتنمية الاستثمار في أوروبّا والدّفع بالاقتصاد إلى الرأسماليّة.
ولئن كان الكتاب موجّهًا في الأصل إلى القارئ الغربي فكان يطغى عليه المنزع الوصفي الاستكشافي، ولذلك تضمّن الكثير من المعطيات المتداولة المعروفة لدى القارئ العربي، فإنّ فيما ألْـمَعْنا إليه ممّا استطرفناه فيه ما يؤكّد قيمته وما تضمّنه من إضافة علميّة معتبرة، فضلًا عمّا ميّز تناوُلَه من تمسّك بأهداب الموضوعيّة وخُلُوٍّ من منازع التّحامل التي كثيرًا ما نجدها لدى جمهرة من المستشرقين لا تخلو كتاباتهم من أهواء دينيّة وإيديولوجيّة.
ومن مزايا هذه الترجمة الدّالة على جودتها، سلاسة عبارتها ووضوح معانيها وإحكام أسلوبها، وما اشتملت عليه من تدقيقات المترجم وتحقيقاته المفيدة ورجوعه إلى المصادر العربيّة الأصليّة دونًا عن ترجماتها الانكليزيّة التي اعتمدها المؤلّف، وبذلك أتيح له أن يقدّم للثّقافة العربيّة الإسلاميّة خدمة جليلة بترجمة هذا الكتاب ترجمة دقيقة أنيقة تستحقّ التقدير والثّناء.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.