الوصف
يبدأ الأمام محمد رشيد رضا :” يرحمه الله ” فقرته قائلا : موقع هذه المدينة مشهور- الاستانة – في جماله ومحاسنه الطبيعية ، ولو كانت هذه الدولة التي استولت عليها من عدة قرون دولة عمران ومدنية لجعلتها زينة الأرض ومثابة الأمم .
ولكان لأهلها من السائحين مورد من أغزر موارد الثروة ، ولكنك لا تجد فيها أثراَ من آثار العمران القديم للسلاطين السابقين ، الذين دوخوا الدول إلا المساجد ، ولا شيئا يعتد به من آثار العمران الحديث إلا المعسكرات والثكنات والمدارس ، فصوفية عاصمة البلغار ، وأثينا عاصمة اليونان، والقاهرة عاصمة مصر، كل أولئك أرقى من عاصمة الدولة “العثمانية” عمراناً .
فالأستانة موقع جميل ، ومعسكر كبير ، لا تغيب الجنود عن عينيك فيها دقيقة من الزمان ، فعسى الله أن يسخر لها الرجال الذين يعمرونها بعمران المملكة ، لا بالاستقراض من الأجانب بالربا التي يجعلها تحت سيطرتهم ، وعرضة عند الحوادث لمداخلتهم .
انتشار الرشى والسلب
أما العمران المعنوي وهو العلم والأدب ، فلها حظ منه تفضل به مصر وسورية ، وهو أن التعليم فيها أعم وأشمل ، وتربية النساء فيها أسمى وأنبل ، ذلك بأن أموال المملكة كانت تجبى إليها ، حتى لا يبقى في كل ولاية إلا الضروري الذي لا يمكن الاستغناء عنه مع إباحة الرشوة والسلب والنهب ، فكثرت فيها المدارس للذكور والإناث …على أن الآداب الاسلامية الموروثة لا تزال أقوى في بيوت هذه المدينة منها في بيوت مصر .
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.