
في كتابه «الكلب البريطاني المسعور تشرشل»، يسعى المؤلف مايك إس. كينج إلى هدم الصورة البطولية الراسخة لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والتي شكّلتها الدعاية البريطانية والغربية منذ الحرب العالمية الثانية. يرى كينج أن تشرشل لم يكن «الزعيم الشجاع الذي أنقذ أوروبا من النازية»، بل «سياسي انتهازي» حركته المصالح الإمبراطورية والنزعة العنصرية التي ميّزت الطبقة الحاكمة البريطانية في ذلك الزمن.
ينطلق المؤلف من فرضية أن التاريخ الذي نُقل عن تشرشل هو «رواية رسمية مُجمّلة»، غيّبت وراءها أفعالًا واستراتيجيات ألحقت كوارث بشرية واقتصادية بعدة شعوب، من الهند إلى الشرق الأوسط. يصفه كينج بأنه «كلب الإمبراطورية المسعور» الذي دافع عن الهيمنة البريطانية بكل الوسائل، بما في ذلك التحالفات المصلحية، والحروب الوقائية، وتجاهل الأخلاقيات الإنسانية في سبيل الحفاظ على النفوذ العالمي لبريطانيا.
يتناول الكتاب حياة تشرشل السياسية عبر محطات رئيسية: دوره في الحربين العالميتين، مواقفه الاستعمارية في الهند والشرق الأوسط، ومسؤوليته عن مجاعة البنغال التي أودت بملايين الأرواح. كما يركز على سياساته الاقتصادية التي عمّقت الفوارق الطبقية في بلاده، ويصف خطبه النارية بأنها «خطاب بلاغي يغطي نرجسية سياسية مفرطة».
يقدّم كينج مادته بلغة حادة وتحليل ناقد، مدعّمًا بأقوال تشرشل ومراسلاته ومذكراته، ليثبت – من وجهة نظره – أن ما يُروى عنه كبطل ديمقراطي يخفي وراءه إرثًا من العنصرية والاستعلاء والدموية السياسية.
بهذا الكتاب، لا يهدف كينج إلى تمجيد خصوم تشرشل بقدر ما يسعى إلى كسر احتكار «الرواية المنتصرة»، داعيًا القارئ إلى إعادة التفكير في مفهوم البطولة التاريخية نفسه، وكيف يُصنع في ذاكرة الشعوب عبر الإعلام والمؤسسة الأكاديمية.

