فلسفة الحضارة عند مالك بن نبي

يرى المفكر الجزائري مالك بن نبي أن مشكلة كل شعب في جوهرها مشكلة حضارية، وأنه لا يمكن لأمة أن تفهم أو تحل مشكلتها ما لم ترتقِ إلى مستوى الوعي الإنساني العام، وتدرك القوانين التي تُنشئ الحضارات أو تُسقطها.
شبه مالك بن نبي الحضارة بمعادلة رياضية تتكون من ثلاثة عناصر:

الإنسان: العنصر الحاسم في التغيير.
التراب: الموارد المادية المتاحة.
الوقت: رأس المال الذي لا يُستعاد.

لكن تفاعل هذه العناصر لا يتم إلا بوجود أيديولوجيا تعمل كوسيط كيميائي يوحّدها، مضيفًا عنصرًا رابعًا هو الفكرة المحفزة أو الدين، الذي يمنح الحياة للعناصر الثلاثة. ولهذا قال: “إذا تحرك الإنسان تحرك المجتمع والتاريخ، وإذا سكن سكن المجتمع والتاريخ.”
ورأى أن من يفكر في النهضة يجب أن ينظر إليها من خلال ثلاثة عوالم:

عالم الأفكار: المعتقدات والمبادئ التي تسكن العقول.
عالم الأشخاص: العلاقات والقوانين التي تنظم المجتمع.
عالم الأشياء: ما ينتجه الإنسان من عمران وصناعة وزراعة.

كما اعتبر أن سقوط الحضارات سببه فقدان القيم الروحية والفضائل الأخلاقية، لا الضعف المادي.
أما الدورة الحضارية، فتتألف من ثلاث مراحل:

الروح، وتنتهي عند حرب صفين.
العقل، وتبلغ أوجها في عهد الموحدين.
الغريزة، حيث يبدأ الانحطاط بعد سقوطهم.

وهكذا تؤكد فلسفة مالك بن نبي أن الإنسان هو محور النهوض الحضاري، وأن استعادة فاعليته هي الخطوة الأولى في طريق بعث الأمة من جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *